بتحرك شحنتها الأولى من الحبوب منذ بدء الحرب.. هل تنقذ أوكرانيا العالم من مجاعة محتملة؟
بتحرك شحنتها الأولى من الحبوب منذ بدء الحرب.. هل تنقذ أوكرانيا العالم من مجاعة محتملة؟
شهور ويأتي العام الجديد حاملًا معه مجاعة محتملة، حذرت منها منظمة الأغذية والزراعة العالمية "فاو"، من أن نحو 220 مليون شخص سيواجهون الجوع وانعدام الأمن الغذائي، بسبب استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا وظهور تداعياتها على سوق الغذاء العالمية، إلا أن محاولات الإنقاذ أسفرت مؤخرًا عن اتفاقية وقعتها روسيا وأوكرانيا تسمح للأخيرة باستئناف تصدير الحبوب عبر موانئها على البحر الأسود، والذي تعطل مع اندلاع الأزمة الأوكرانية.
وبالفعل كان صباح يوم الاثنين مشرقًا أعطى أملًا للبشرية، إذ تحركت أول سفينة محملة بالحبوب الأوكرانية من ميناء أوديسا، لتكون هي الشحنة الأولى من الحبوب التي يتم تصديرها بعد اتفاق تصدير الحبوب الموقع بين روسيا وأوكرانيا.
من جانبها، أكدت وزارة الدفاع التركية أن أول سفينة حبوب غذائية قد انطلقت بالفعل من ميناء أوديسا الأوكراني.
وقالت الوزارة، إن سفينة الشحن "رازوني"، والتي ترفع علم سيراليون، والمحملة بالذرة، غادرت أوديسا في طريقها إلى لبنان.
وقال وزير البنية التحتية الأوكراني أولكسندر كوبراكوف إن السفينة "رازوني" تحمل 26 ألف طن من الذرة وستتجه إلى لبنان، وأضاف في بيان منفصل أصدرته وزارته "فتح الموانئ سيوفر ما لا يقل عن مليار دولار إيرادات بالنقد الأجنبي للاقتصاد وفرصة للقطاع الزراعي للتخطيط لموسم الزراعة العام المقبل".
وقال كوبراكوف، إن "هناك 16 سفينة أخرى تنتظر دورها بالفعل في موانئ أوديسا".
وقعت موسكو وكييف يوليو الماضي بإسطنبول اتفاقيتين منفصلتين مع تركيا والأمم المتحدة بخصوص تصدير الحبوب والمنتجات الزراعية الأوكرانية العالقة في الموانئ عبر البحر الأسود مقابل تخفيف القيود على صادرات الحبوب الروسية بعد نحو خمسة أشهر من الحرب.
ومن جهته، قال أردوغان إن الاتفاق الذي وقعته تركيا أيضا سيساعد في منع وقوع مجاعة ويخفف من تضخم أسعار الغذاء في العالم، مضيفا "نأمل أن يكون اتفاق صادرات الحبوب نقطة تحول والحرب ستنتهي على طاولة التفاوض، الحرب الأوكرانية لا تؤثر فحسب على الأطراف المشاركة فيها بل على الإنسانية كلها".
«جسور بوست» استطلعت آراء اقتصاديين لتحليل الوضع الراهن ومعرفة ما إذا كانت تلك الخطوة من شأنها حل أزمة غذاء يواجهها العالم أم لا.
انفراجة واعدة
قال أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة جامعة الأزهر، محمد يونس:" إن أوكرانيا وروسيا يعتبران سلة غذاء الدول الأوروبية والعالم، نتيجة أن العوامل الجوية في أوروبا معضلة من معضلات الاقتصاد الزراعي هناك، فليس هناك سطوع شمس كما أن الثلوج تقضي على الإنتاج الزراعي وإن كانوا متقدمين في الميكنة الزراعية لكن المنظومة غير مكتملة على عكس الصين وروسيا، وعليه ستحدث انفراجة خاصة مع دول الخليج العربي، والتي تعتبر مستورداً قوياً للحبوب، ومصر كانت أفضل حظًا حيث أدرجت في الخطة الزراعية استصلاح 4,5 مليون فدان منها فدان ونصف أنتجت قمحاً إلى جانب أنها كانت تملك احتياطياً من القمح يكفي لأربعة أشهر قادمة".
وتابع: "بدء توريد القمح سيكون انفراجة على العالم كله، ويعتبر أيضًا جرس إنذار لمصر ولكل الدول لاستصلاح الأراضي وزيادة إنتاجها من القمح، ومصر تنفذ ما يسمى بـ(ممر التنمية) الذي يبدأ من العلمين في الشمال حتى حلايب وشلاتين في الجنوب، هذه المناطق تحتوي على ملايين من النخيل وشجر الزيتون الأعلى قيمة، سلعة واحدة من شأنها أن يعول عليها في برامج التنمية الاقتصادية مثلما يحدث في ماليزيا، هذا القطاع الأوسط منطقة واعدة".
وأضاف: "سيزيد المعروض في الأسواق العالمية وبالتالي ينخفض السعر".
3 سيناريوهات محتملة
وبدوره، قال الخبير الاقتصادي، رشاد عبده: "إن روسيا لم يكن لديها مانع من تصدير الحبوب ولكن كان لديها شرط وهي خفض العقوبات الأوروبية عنها والسماح لها بتصدير الأسمدة وقد قبل الغرب فتمت الاتفاقية، ويعد هذا انفراجة كبيرة ومكسباً كبيراً، سيكون لها أثر إيجابي على اقتصاد العالم واستخدام المستهلكين، حيث يزيد المعروض وبالتالي تنخفض الأسعار ومن ثم تنخفض معدلات التضخم الذي بسببه رفعت الولايات المتحدة سعر الفائدة أكثر من مرة ومن المنتظر رفعها مرة أخرى في سبتمبر القادم، وكذلك بريطانيا فقد بلغ التضخم لديها 9,2 ومن المتوقع وصوله إلى 11%، ولكل ذلك اضطر الغرب في هدوء واستحياء لتخفيف العقوبات على الجانب الروسي وتصدير قمحه وأسمدته".
واستطرد: "هذه الخطوة من شأنها تفادي المجاعات التي حذرت منها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، لكن ماذا سيحدث غدًا فلا أحد يعلم، لأن العالم تسوده حالة من عدم اليقين، فمن الممكن أمريكا تشعل الحرب بينها وبين روسيا والصين ومن ثم تتحول لحرب عالمية، لا أحد يعلم القادم، وهذا ما يجعل الاقتصاديين يضعون ثلاثة من السيناريوهات المختلفة للوضع، الأول أن تظل الأوضاع كما هي، والثاني متفائل من الممكن حدوث مفاوضات بين الدول المتناحرة، وثالث يتمثل في إشعال الحرب بتدخل الناتو".